المجلس الوطني لحقوق الإنسان يُعبّر عن أسفه ويدعو إلى احترام الكرامة الإنسانية في النشر الرقمي
الميزان/ الرباط: متابعة
أعرب المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن أسفه العميق لما آلت إليه التطورات الخطيرة المرتبطة باعتصام المواطن “ب.ز.” فوق خزان مائي مرتفع بدوار أولاد عبو، جماعة أولاد يوسف، بإقليم بني ملال، وهو الاعتصام الذي انتهى بتدهور وضعه الصحي، وإصابة عنصرين من الوقاية المدنية والدرك الملكي خلال تدخل لإنقاذه.
وفي بيان رسمي، أكد المجلس أن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان ببني ملال خنيفرة تابعت الاعتصام منذ بدايته بتوجيهات من رئيسة المجلس، من خلال زيارات ميدانية يومية، ومحاولات حثيثة لإقناع المعني بالأمر بفك اعتصامه، خاصة بعد تلقيه ضمانات بشأن مطلبه بفتح تحقيق قضائي في وفاة والده سنة 2019، وهي المطالب التي سبق لوكيل الملك بقصبة تادلة أن تعهد بالتفاعل معها وفق المساطر القانونية.
وأوضح البيان أن اللجنة الجهوية انخرطت في وساطة فعالة، شملت لقاءات مع مسؤولين قضائيين ومحليين، واستجابت لبعض الحاجيات الإنسانية للمعتصم، في مسعى لإنهاء الاعتصام الذي وصفه المجلس بـ”الخطير بالنظر إلى مكانه المرتفع وما قد يترتب عنه من مخاطر على سلامة المعتصم والساكنة المحيطة”.
ورغم إعلان “ب.ز.” في وقت سابق قبوله بفك الاعتصام بعد الوساطة، فقد عاد وتراجع عن موقفه، لتتطور الأحداث بشكل مأساوي خلال تدخل فرق الإنقاذ، حيث تعرّض عنصر من الوقاية المدنية لاعتداء بالسلاح الأبيض واحتجاز، قبل أن يُدفع من أعلى الخزان، فيما أُصيب عنصر من الدرك في عملية التدخل.
في السياق نفسه، عبّر المجلس عن أمله في أن تتجاوز كل الأطراف المصابة مرحلة الخطر، مؤكدا مواصلته متابعة الحالة الصحية للمعنيين ومواكبة أسرهم في هذه اللحظات العصيبة.
كما وجّه المجلس نداءً حازماً حول مخاطر انتشار مقاطع فيديو توثّق لحظات مؤلمة من الاعتصام، خاصة تلك التي بُثت مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دون احترام للكرامة الإنسانية أو مراعاة للآثار النفسية والاجتماعية لمثل هذه المشاهد على الضحايا وأسرهم والمجتمع.
وانتقد المجلس بشدة “الانفلات الرقمي” في تغطية هذه الواقعة، محذرًا من تطبيع المجتمع مع صور العنف، ومشددا على أن حرية النشر لا تعني إطلاق العنان لبث محتويات صادمة دون مسؤولية أخلاقية.
ودعا البيان إلى تعزيز الثقافة الإعلامية والرقمية، وإلى دعم الصحافة المهنية التي تراعي أخلاقيات المهنة وتحترم القيم الإنسانية، محذرًا من تحول الكاميرا من أداة للتوثيق إلى أداة للمساس بالكرامة.
واختتم المجلس بيانه بالتأكيد على ضرورة استخلاص الدروس من هذه الحادثة المؤلمة، والتمسك بمبادئ الحوار والتعقل، وتوفير المسارات القانونية والإنسانية لمعالجة المطالب الاجتماعية، دون الانزلاق نحو مآلات مأساوية.