السياسيةكتاب الراى

التغطية الإعلامية زمن كورونا بين إكراهات الواجب المهني وقرارات وزارة الداخلية

شكل قرار وزارة الداخلية بخصوص منع مواكبة الحملات التحسيسية والزجرية لرجال السلطة من قِبل رجال الإعلام والصحافيين إلا بترخيص من السلطات المصدرة لهذا القرار علامة استفهام..؟؟؟ والتي تشترط التوفر بموجبه على البطاقة المهنية دون اعتبار لقوانين الملائمة التي قننت القطاع بشروط تعجيزية يعرفها كل من دخل دهاليز هذا الهم الإعلامي، وبموجب القرار صارت البطاقة المهنية شرطا للاعتراف بأي تحرك إعلامي في خرق سافر للقانون وتعدٍ على جميع اختصاصات النيابة العامة الموكل إليها تطبيق القانون والسهر عليه.. (وكأن قانون الملائمة وما تعلق به من حيثيات قانونية صرفة كوصل الإيداع والشركة أو المنشأة الإعلامية ولائحة أعضاء الجريدة لا يساوي شيئا في منظور وزارة الداخلية).. فهل هذا الخرق والتدخل في الاختصاصات فرضته حالة الطوارئ؟؟؟؟؟ أم أن هذه التجاوزات القانونية التي تكسر وتقيد حرية الصحافة وفق القوانين والقرارات المطبقة هي تنطعات شخصية لبعض المسؤولين فقط ؟؟. أم هي مجرد قرارات اتخذت في ساعة الغضب جراء انتشار بعض المقاطع والصور لجرائد ومواقع كانت في قلب الحدث مسايرة لكل الحملات والتي باركتها الداخلية في بداية الأزمة ؟
علما أن تغطية هذه الحملات كان لها الدور الايجابي في ترميم الصرح الأمني الصادق والصريح من أجل هذا الوطن الحبيب في مفهومه الجديد للسلطة التي تعتبر المواطن هو الأساس في العملية الأمنية بمقاربات إنسانية تعاطف معا الشعب برمته.. ورفعت مكانة رجال السلطة بمختلف أطيافها.. ولا أدل على ذلك معاناة أعوان السلطة في تنزيل واقعية بروتوكول خاص بالطوارئ الصحية في أسمى صور التفاني والإخلاص غير آبهين بالأخطار المحدقة بهم في مقابل الأجر الزهيد الذي قد لا يسد حاجتهم الضرورية للمطهرات لصد هذا الوباء مثلا..
لنشير إلى أن المواكبة الإعلامية هي التي هزت صفحات العالم الأزرق لتنتقل العدوى إلى القنوات الوطنية والدولية وأطياف المجتمع المدني التي جعلت الصورة تتكلم وتعبر.. ويتعلق الأمر برئيس الدائرة الأمنية ببنمسيك (الدائرة 23) بزيه الرسمي عقب تدخلاته في المرحلة.. والتي أيضا بفضل التغطية الإعلامية المرافقة.. عرف المغاربة مفهوم الحسن الأمني المفعم بروح الوطنية في أسمى صور التعاطف والحنان الذي اعتقد الكثيرين خلوه في أسلاك الشرطة.. هذا الخطاب الشهير الممزوج بعبارات الدفع الاحترازي بلغة رصينة ونبرات صوت منبعث من أعماق الإنسانية المحبة لأن تفدي نفسها مقابل سلامة المواطن المغربي.. والمصحوبة بقطرات الدمع الصادق المنهمر من عين تسهر على سلامة المواطنين.. وهذا شق إنساني غيبه كثير من رجال الأمن تحت إكراهات الواقع المرير الذي لا نفقه فيه شيء كمواطنين في منأى عن الواقع الإجرامي الذي يحيط بنا.. ولا نعرف تفاصيله لأننا آمنين مطمئني البال في حمى من يحاربونه في صمت دون تبجح بأداء الواجب المهني. ولعل عبارة القائدة حورية الابنة البارة لمدينة الدار البيضاء “بقا حال فومك أوتكركر” بأسلوبها البسيط لأهل أسفي خلدت ذكرها في التاريخ.. وأن هناك رجال ونساء سلطة ينزّلون حملاتهم وفق منظور واقعي يؤسس لمفاهيم القرب ومعايشة الواقع ببساطة تكسر المفاهيم القديمة لهالة المخزن في الموروث الثقافي الشعبي لدى المغاربة قاطبة..
وبغض النظر عن المنظومة المؤسِّسة لقانون الصحافة ككل من قبيل أن المجلس الوطني للصحافة هو المخول له الدفاع عن الجسم الصحفي ككل فهل انسلخ من مهامه ونسي الميثاق الذي تعهده؟ أم أنه بخرجات بعض أعضائه أصبح يشكل القاضي والجلاد في الآن نفسه وفق هذه المرحلة الاستثنائية؟؟؟ فهل نسي الجميع أن هذا واجب وطني من أجل مواكبة واقعية تلامس الأحدث عن كتب وهي مغامرة نسيها الجميع من هؤلاء في ظل هذه الأزمة؟؟؟ فمن يحمي هذا الجسم المهترئ؟؟؟.
إن أزمة كورونا حقيقة عرت لنا الواقع بخروج القابعين في جحورهم زمنا ليعبروا عن مواقفهم وقراراتهم الارتجالية التي تتدخل في الاختصاصات (كل من وجهته) وتعرقل مسارات التشييد الحقوقي والسياسي المحنك لهذا البلد الأمين تحت ظل السياسة المولوية الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس المنصور بالله.
كتبه الدكتور عبد الجليل جودات
الدارالبيضاء المحروسة الأربعاء 29 أبريل 2020م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى