الذكاء الاصطناعي في مجال الملكية الفكرية
الميزان/ السعودية : د نهي. خالد المحارب
almizan.ma
الذكاء الاصطناعي في مجال الملكية الفكرية
الميزان/ السعودية : د نهي. خالد المحارب
يتميز وقتنا الحالي بالتطور التكنولوجي السريع والابتكار المستمر و من بين التطورات الرائدة في هذا السياق يبرز الذكاء الاصطناعي، والذي أصبح له أثر كبير في مختلف المجالات ومن ضمنها الملكية الفكرية حيث يعتبر الذكاء الاصطناعي محورًا حيويًا لتحسين وتطوير العمليات المرتبطة بحقوق الملكية الفكرية وتوفير فرص غير مسبوقة لتحسين الكفاءة والابتكار.
يمكن أن يؤدي استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الملكية الفكرية إلى تحقيق تحسينات كبيرة في مختلف الجوانب. فيما يلي عدة طرق يمكن من خلالها الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الملكية الفكرية.
* البحث عن الابتكارات و الاختراعات السابقة:
يمثل البحث عن الأعمال السابقة جزءًا حيويًا من عمليات التسجيل والاختراع لضمان أن الاختراع الجديد لا يتعارض مع ما هو موجود بالفعل، وبالتالي يكون مؤهلاً للحصول على حقوق الملكية الفكرية. وبالتالي يضمن الشخص المتقدم عدم وجود تضارب مع حقوق مماثلة تمتلكها أطراف أخرى، ويؤكد على الفرادة والجدارة الابتكارية للابتكار الجديد المُقدم.
يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي أن تحلل بسرعة وكفاءة كميات هائلة من قواعد بيانات براءات الاختراع والمؤلفات العلمية والمصادر الأخرى للتعرف على الاختراعات والأفكار ذات الصلة. ويمكن أن يساعد ذلك فاحصي البراءات والباحثين والمخترعين على فهم المشهد المعرفي الحالي وتجنب الازدواجية.
توفر منظمات مثل WIPO (المنظمة العالمية للملكية الفكرية) وشركات التكنولوجيا القانونية مثل PatSnap وIP.com العديد من الأوراق البحثية و المقالات التي تساعد في الحصول على معلومات عن كيفية البحث عن الابتكارات و الاختراعات السابقة.
* تسهيل عمليات إعداد الوثائق القانونية:
يمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا في تسهيل عمليات إعداد الوثائق القانونية المتعلقة بالملكية الفكرية. من خلال تحليل نماذج الوثائق القانونية السابقة، يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء مسودات أولية للعقود والوثائق ذات الصلة. مما يُساعد في تحسين جودة وثائق البراءات واتساقها وتقليل الوقت اللازم للصياغة.
ويندرج تحت ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
* صياغة براءات الاختراع الآلية:
يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تساعد في صياغة طلبات براءات الاختراع من خلال إنشاء مسودات أولية بناءً على المعلومات المقدمة. ويمكن لهذه الأدوات أن تساعد في تحسين جودة وثائق البراءات واتساقها وتقليل الوقت اللازم لصياغتها.
تقدم شركات مثل IBM Watson ومنصات التكنولوجيا القانونية مثل TurboPatent أوراق بحثية ومقالات حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في صياغة براءات الاختراع الآلية.
* مراجعة العقود:
حيث يمكن لأنظمة مراجعة العقود المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تساعد في تحليل اتفاقيات الترخيص والتعاون والعقود الأخرى المتعلقة بالملكية الفكرية. ويضمن ذلك مراجعة الشروط والأحكام القانونية بدقة، مما يقلل من مخاطر النزاعات.
يمكن الحصول على تطبيقات الذكاء الاصطناعي لمراجعة العقود في المجال القانوني في الأوراق البحثية والمقالات من شركات التكنولوجيا القانونية مثل Kira Systems والمنصات التي توفر تحليلات العقود.
* إدارة محفظة براءات الاختراع:
يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي أن تساعد في إدارة محافظ براءات الاختراع الكبيرة من خلال أتمتة المهام مثل التصنيف والتتبع و اصدار تنبيهات تساعد على التذكير بالمهام مثل التجديد. وهذا يضمن أن تتمكن المؤسسات من مراقبة أصول الملكية الفكرية الخاصة بها والحفاظ عليها بشكل فعال.
تقدم منصات التكنولوجيا القانونية مثل Anaqua وIPfolio مقالات تساعد في معرفة تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تساعد في إدارة محفظة براءات الاختراع.
* كشف المخالفات:
يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك معالجة اللغة والتعرف على الصور، لتحديد الانتهاكات المحتملة من خلال تحليل مجموعات ضخمة من البيانات لبراءات الاختراع والعلامات التجارية وأصول الملكية الفكرية الأخرى. وهذا يساعد في مراقبة السوق واتخاذ الإجراءات القانونية في الوقت المناسب.
توفر المصادر من شركات التكنولوجيا القانونية المتخصصة في تحليلات الملكية الفكرية، مثل Cipher، والأوراق الأكاديمية حول الذكاء الاصطناعي في إنفاذ الملكية الفكرية، رؤى و أفكار حول كيفية الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في كشف المخالفات.
* التحليلات التنبؤية للتقاضي:
تستطيع تقنيات الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات قضايا الملكية الفكرية السابقة للتنبؤ بالتحديات أو النزاعات القانونية المحتملة. يتيح ذلك لأصحاب الملكية الفكرية اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن استراتيجياتهم، بما في ذلك خيارات التسوية أو اتفاقيات الترخيص أو تعزيز مواقف الملكية الفكرية الخاصة بهم.
توفر منصات تحليلات التقاضي مثل Lex Machina معلومات حول التحليلات التنبؤية لدعاوى الملكية الفكرية.
* مراقبة العلامات التجارية:
يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي مراقبة العلامات التجارية بشكل مستمر عبر قنوات مختلفة، بما في ذلك المنصات عبر الإنترنت، لاكتشاف أي انتهاك محتمل للعلامات التجارية أو سوء استخدامها. يساعد هذا النهج الاستباقي في حماية سلامة العلامة التجارية.
توفر خدمات مراقبة العلامات التجارية وشركات التكنولوجيا القانونية المتخصصة في حماية العلامات التجارية، مثل CompuMark، رؤى وأفكار حول مراقبة العلامات التجارية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ومن الأمور التي تساعد على مراقبة العلامات التجارية باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي:
* التعرف على صورة العلامة التجارية:
يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي القائمة على تقنية التعرف على الصور لتحديد انتهاكات العلامات التجارية المحتملة عن طريق مسح الصور والشعارات الموجودة في المنصات سواء كانت منصات الكترونية (شبكات التواصل الاجتماعي مثل Facebook أو Twitter أو Instagram أو LinkedIn أو مواقع التجارة الالكترونية مثل Amazon أو eBay) او غير متصلة بالانترنت (المحلات التجارية أو المواد المطبوعة مثل الكتيبات أو وسائل الإعلام التقليدية كإعلانات التلفزيون). وهذا مفيد بشكل خاص في الصناعات التي تكون فيها العلامة التجارية المرئية أمرًا بالغ الأهمية.
تعتبر شركة TrademarkVision (التي أصبحت الآن جزءًا من Clarivate) من الشركات البارزة في تغطية مجال العلامات التجارية و التكنولوجيا.
* تحليل المشهد التكنولوجي:
يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن توفر نظرة ثاقبة لاتجاهات التكنولوجيا والابتكارات الناشئة من خلال تحليل كمية هائلة من المؤلفات العلمية، وإيداعات براءات الاختراع، وتقارير الصناعة. وهذا يساعد المنظمات على البقاء على اطلاع بأحدث التطورات في مجالات تخصصها.
تناقش منصات مثل PatSnap وInnography تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحليل المشهد التكنولوجي.
* استراتيجية الملكية الفكرية المخصصة:
يمكن أن تساعد تحليلات الذكاء الاصطناعي في تطوير استراتيجيات الملكية الفكرية المخصصة من خلال تقييم اتجاهات السوق وأنشطة المنافسين والتقدم التكنولوجي. وهذا يضمن توافق استراتيجيات الملكية الفكرية مع أهداف العمل.
ختام:
تبرز أهمية تكامل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تعزيز فعالية إدارة الملكية الفكرية من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في عمليات الملكية الفكرية. من خلال الاستفادة من هذه التقنيات: يمكن للمؤسسات تبسيط سير العمل، وتعزيز عملية صنع القرار، وحماية أصولها الفكرية القيمة وإدارتها بشكل أفضل ، والحفاظ على تنافسيتها. ومع ذلك، من المهم التأكد من امتثال تطبيقات الذكاء الاصطناعي للمعايير القانونية والأخلاقية في مجال قانون الملكية الفكرية.
د نهي. خالد المحارب
جامعه الامام محمد بن سعود الاسلاميه