فكر بغيرك/ على هامش نكبة مدينة آسفي
الميزان/ مراكش: حاميد اليوسفي
أحلام تشبه الكوابيس.. أستيقظ على غفلة.. آخذ الهاتف بين الحين والآخر، يطلع لي فيديو من آسفي.. أم تستغيث.. غزلان بائعة الفخار لن تتبادل تحية الصباح مع المارة بعد اليوم.. امرأة مسنة تتمسك بجدار حائط، والماء يغطي صدرها.. تنتظر أن تُمد يد لإنقاذها.. دكاكين غمرتها المياه، وعبثت بمحتوياتها.. السيول لم تراع حرمة ضريح الولي الصالح سيدي بو الذهب.. لم تبق تظهر منه سوى القبة.. سيارات تطفو فوق الماء بركابها.. منازل محاصرة بمياه فاق علوها المترين..
أشرطة ما بعد الفاجعة تحكي مآسي الناس مع اليوم الموالي.. لا بيت يأويك أنت وأبناءك.. لا غطاء.. لا لباس.. لا طعام.. وأنت واقف وسط سراب من الأوحال، يلوح أمل مثل البرق يأتي ويختفي بين السحب: متى سيهب العالم لمساعدتك؟
وأنت قبل أن تخرج في الصباح إلى العمل أو إلى المقهى تتناول فطورك، وترتدي معطفك.. فكر بغيرك.. في آسفي الناس لا تنام، ولا تتناول فطورها.. لا معاطف تقي من البرد والشتاء..
وأنت تجلس في المساء أمام التلفاز، وتتابع مباراة المغرب ضد الإمارات، في آسفي لا تلفزيون يعمل، ولا خاطر لمشاهدة مباراة في كرة القدم.. الناس تبكي أخا أو ولدا أو أما جرفتها السيول أو اختنقت داخل دكان..
وأنت في الغرفة، ترتدي ملابس النوم، تدخل إلى الفراش، وتسحب الغطاء الناعم فوق جسمك.. فكر بغيرك.. في آسفي الناس تنام واقفة لا أفرشة ولا أغطية ولا غرف نوم..
السيول أخذت كل شيء أخذت أرواح الناس وملابسهم وأفرشتهم وأغطيتهم وأرزاقهم..
آسفي تستغيث.. تطلب دعمك المادي.. وبعد ذلك اعمل سياسة وانتقد كما شئت..
مراكش 2025/12/16