almizan.ma
صاح المحامون والمحاميات اليوم الجمعة ملأ الحناجر قبالة مقر محكمة النقض بالرباط، في هدير تهتز له الأفئدة وتشد له القلوب، رجال ونساء وشباب شدوا الرحال صوب العاصمة من الجبال والسهول والهضاب ومن المدن صغيرتها وكبيرتها، ليهتفوا هتافات التقطتها من يهمهم الأمر، كانت الوقفة التي غصت بالغيورين على البذلة السوداء مع أن حصة الأسد لم تحضر رغم عيشها في واقع مهني أسود، لكن “الغايب حجتو معاه” ففي ندوات التمرين تحدثوا لنا عن المساطر والآجال والشكليات والاختصاصات لثلاث سنوات، ولم يحدثونا عن أركان النضال ووجوب الإسراع والركض لتلبية صوت المهنة وهي تنادي، في ندوات التمرين علمونا “كيفاش نصورو طرف ديال الخبز” في مهنة حتى الخبز تشترطه بكرامة وإلا كان الجوع تاجا…لم يعلمونا أصول المحاماة التي هي الأخت الشقيقة للأنفة والكبرياء والشرف طبعا في حدود القانون النافذ المنشور في الجريدة الرسمية والذي يتغير ويتمم وينسخ دلالة على قصره ونقصانه…
تملكني الفخر اليوم وأنا أسمع صدى الغضب يرجع صداه مقر محكمة النقض المتاخمة لمقر المجلس الاعلى للسلطة القضائية والقريبة من رئاسة النيابة العامة، في “غضب ومد أسودين جارفين كاسحين” فالقضاء ملك للشعب، والمجلس مجرد مدبر ومسير له، واستقلاله من استقلال الوطن، وإذا فرط فيه مسيروه وآثروا أن يحولوه إلى هيئة للتشريع أو ملحقة للحكومة يوقعون إلى جانب وزير فيها، ليصبحوا في نهاية المطاف خصما للشعب الذي لن يجد وجهة يتظلم إليها، فلن ينضم إليهم المحامي ولن يخذل المحامي الوطن.
ماذا جنا من راهن على استسلام المحامين وإذلالهم وتحقيرهم وتسخير السيكيرتي لتفتشيهم، واستنفار البوليس والحواجز ضدهم، واستثنائهم من ولوج مقرات عملهم دون باقي العاملين في المحاكم، غير تعطيل العدالة وتكبيد الخزينة العامة خسائر كبيرة؟ ماذا كاد يفجر هذا الذي أفتى بالدورية وظن أنها مجرد ورقة عليها خاتم تنفذ على الخلق وانتهى الأمر؟ فاليوم كانت شعارات “الدفاع يريد إسقاط الدورية” فماذ سيكون الشعار غدا؟ ماذا اقترف المحامي حتى يتم منعه من دخول محاكمه وأداء مهامه لقرابة أسبوع ولازال المنع ساريا في بعض المحاكم التي استفرد فيها “المتحكمون” ؟ …
محامون ووطنيون وأحرار نحب الوطن بصدق لأنه جدير بالحب، ولا نقايض حب الوطن بالمكاسب، ولا نتخذ من حبه سلما نتسلق به فوق الأكتاف، محاميات أبيات شريفات طاهرات حرات تمتن ولا تتاجرن بالعرض والشرف، هؤلاء هم نحن ولمن كان واهما أو “تشابه عليه البقر” يروي له غوغل بقية الحكاية…