تقارير الداخلية تكشف: سيارات فارهة وامتيازات لشراء الصمت بجهة الدار البيضاء سطات
الميزان/ الدار البيضاء: عادل الساحيلي
كشفت تقارير إدارية أنجزتها أقسام الشؤون الداخلية بعدد من عمالات وأقاليم جهة الدار البيضاء–سطات، رصدت تجاوزات خطيرة داخل جماعات ترابية، تقوم على تبديد المال العام عبر ممارسات تحايلية، هدفها ضمان الولاءات السياسية داخل مجالس تعيش على وقع هشاشة الأغلبية وتصاعد التوترات الداخلية.
ووفق المعطيات المتوفرة، لجأ عدد من رؤساء الجماعات إلى أساليب لا تمت بصلة لحاجيات المرفق العمومي، من أبرزها كراء سيارات فارهة من وكالات خاصة خارج إطار الحظيرة الجماعية الرسمية، وتخصيصها لمنتخبين ومستشارين نافذين، في مقابل تحييد الأصوات المعارضة وضمان تمرير الدورات دون اعتراضات قد تُربك موازين التدبير.
كما كشفت التقارير ذاتها استفادة منتخبين من امتيازات عينية ومادية، وعطل وُصفت بالباذخة، دون أي سند قانوني أو مبرر تدبيري واضح، في وقت تعاني فيه جماعات ترابية من ضعف الموارد وتأخر إنجاز مشاريع أساسية، ما يحوّل الميزانية من أداة للتنمية المحلية إلى وسيلة لتدبير التوازنات السياسية.
وتؤكد المعطيات أن هذه الممارسات لا علاقة لها بتجويد الخدمات أو تحسين أداء الجماعات، بل تُستعمل كآلية لشراء الصمت السياسي، وثني المعارضة عن تقديم ملتمسات الإقالة أو اللجوء إلى سلطات الوصاية والقضاء، في سياق يتسم بتنامي الخوف من المساءلة القضائية.
ويعيش عدد من رؤساء الجماعات، وفق نفس المعطيات، تحت ضغط متزايد بسبب تصاعد المتابعات المرتبطة بجرائم الأموال، وهو ما يفسر هذا السباق المحموم نحو “ترضية” المنتخبين، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
اللافت في هذه الملفات أن الشكايات لم تعد مقتصرة على المعارضة أو جمعيات المجتمع المدني، بل سُجلت حالات رفع فيها مستشارون من داخل الأغلبية المسيرة دعاوى قضائية ضد رؤسائهم، تتعلق باختلالات جسيمة في التدبير المالي، والتلاعب في الصفقات العمومية، واستغلال ممتلكات الجماعة لأغراض شخصية.
وعلى المستوى المالي، تشير التقارير إلى أن عمليات كراء السيارات تتم في كثير من الأحيان بخرق واضح للمساطر القانونية المنظمة للصفقات وسندات الطلب، ودون مبررات موضوعية تفرضها مصلحة المرفق العمومي، ما يشكل عبئاً إضافياً على ميزانيات جماعية مثقلة أصلاً، ويعمّق الفجوة بين الخطاب التنموي والواقع المعيشي للمواطنين.
كما جرى توثيق استعمال هذه السيارات في تنقلات خاصة وعائلية، بعيدة تماماً عن الأغراض الإدارية المعلنة، وهو ما يعكس ترسّخ ثقافة “الغنيمة” داخل مؤسسات يُفترض أنها منتخبة لخدمة الصالح العام.
وتخلص التقارير إلى أن سياسة توزيع الامتيازات وشراء الصمت قد توفر هدنة مؤقتة لبعض الرؤساء، لكنها تُفرغ آليات المراقبة والمحاسبة من مضمونها، وتحول دورات المجالس من فضاءات للنقاش العمومي إلى منصات لتدبير المصالح الشخصية، مع ترجيح إحالة عدد من هذه الملفات على القضاء الإداري والجنائي.