السياسيةقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

خاطرة “الهذيان”

الميزان/ الدار البيضاء: الدكتور سعيد الناوي

almizan.ma

خاطرة “الهذيان”
الميزان/ الدار البيضاء: الدكتور سعيد الناوي
…أخذته من بيته لا يقوى على غرس قدميه في الأرض و لو بمقدار وقوف ساقي الطائر فوق شجرة!
أنبأني أنه قرأ لي آخر ما كتبته عن كؤوس الخمر البارد على الفؤاد،
وأنه آب منه،
وأن الخمارة صدته من قبل ومنعته من الدخول، لما أصابه من رعاش القدمين…
همس في أذني اليسرى القريبة من فمه ضاحكا أنهم أبناء اللعان؛ يخافون أن” أتسبب لهم في ورطة مع العسس،إذا تحالف السكر مع الرعاش، و اتفقا ضد قدمي هاتين فأسقط، فمن أين لهم حل المعضلة”!
تبسم له فمي وانطلقت أسارير وجهي، الذي اعتصره المرض، فحول بياضه إلى زرقة البصل، لا هو من هؤلاء ولا من هؤلاء، وليس هناك لون يشبه لون البصل إلا لون هذا الوجه اليوم.. فقلت: “إنهم باختصار إستغنوا عنك؟!” فقهقه أن صدقت أيها الفقيه!؟
المهم أنه كان منه ما كان، ثم آب، وقد كان، ولا يزال يذكر وردة الجزائرية، وحلو مغناها، وأنها الأحلى من”أم الكلاثيم”، وحق لها أن تكون لو كانت مصرية!؟
يذكر منها ما يحفظ رغم أنه كثيرًا ما أصبح يحدث نفسه، ويتكلم معها بصوت مسموع، كأنها شخص يحاوره، وقد نفى أن يكون ذلك من آثار السكر البائد، أو من أمارات المرض الجديد الموسوم بالنسيان و عدم التذكر و فقدان الذاكرة ولحس المخ و انكماش المخيخ….
أيدت قوله، وأبرمت فكرته،
ولا أشك أن لا علاقة للحديث مع النفس، وحتى الكلام المسموع معها، بداء الجنون الجديد، وأن قوله لي منذ أيام، كان صادقا وحكيما، حينما أنشدني بلسان دارج بليغ “اللي فاتت ايامو، يكري دينامو”؛ يعينه على الحركة وهذه سنة الله وقانون إشتراكي وديمقراطي وشيوعي مقبول ومهضوم ومعلوم ومرحب به، طالما أن هناك بديلا، إسمه”اادينامو”!؛
و “ينعل بوه” إذا لم تكتري إثنين، أحد يدفع و الآخر يجر!
المهم أن تسير وتسير ولا تتوقف.
والأهم أن تبقى النفس صاحبة لك، تحدثها وتحدثك، تتكلم معها وتكلمك.
تلاعبها وتلاعبك،
ولكن، إحذر أن تتجاوز معدل الهذيان المقبول وهو ثمانية من عشرين، فإن بلغ المعدل فأقل، فإن الفصل مستوفى، و إن تجاوز الهذيان عتبة الثمانية من عشرين فقد وجب استئجار دينامو آخر لا أعرف اسمه.
وأهم من الأهم، أن تبقى متساويا معنا في الهذيان المقبول،
فو الله، إني أشبههك في الهذيان،
وكثيرًا ما أتكلم مع نفسي على أنها امرأة؟
أقول لها”إسمعي.. وماذا ترين، وقولي..”
وأعلم أنني أشبهك ولا اعتراض
وأعلم أنها النفس وليست شيئا آخر ممن خلقهم الله من نار..
فنحن إشتراكيون في الهذيان ما لم يتجاوز العتبة.و قف عند المعدل
سعيد الناوي غفر الله له و تجاوز عنه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى