الفقه والشريعةكتاب الراىمنوعات

تيسير الحكم العطائية 2

الميزان / الدار البيضاء: الدكتور لرزق

almizan.ma

الحكمة الثانية
(إرادَتُكَ التَّجْريدَ مَعَ إقامَةِ اللهِ إيّاكَ في الأسْبابِ مِنَ الشَّهْوَةِ الخَفيَّةِ، وإرادَتُكَ الأَسْبابَ مَعَ إقامَةِ اللهِ إيّاكَ فِي التَّجْريدِ انْحِطاطٌ عَنِ ا الهمة العلية).
تعريفات:
التجرد أو التجريد: هو الانقطاع بالكلية إلى الله.
التسبب: أو الأخذ بالأسباب هو طلب الرزق.
الهمة: حالة للقلب، وهي قوة إرادة وغلبة انبعاث إلى نيل مقصود ما، وتكون عالية أو سافلة بحسب ما تعلقت به من الأمور.
العبد منذ ولادته مسافر إلى ربه مدة عمره ومراحل سفره هي الأيام والليالي يطويها مرحلة بعد مرحلة حتى ينتهي السفر بموته ورجوعه إلى خالقه، والطريق مليئة بالقواطع والموانع لا يخلص من حبائلها إلا الواحد بعد الواحد فالكيس الفطن هو الذي يجعل كل مرحلة نصب عينيه فيهتم بقطعها – فيسلكها- سالما غانما في سيره إلى الله مولاه عند طلوع صبح الآخرة وانقشاع ظلام الدنيا. ومن قواطع الطريق عدم القيام بعبادة الوقت التي يقيم الله العبد فيها، ولنضرب في ذلك مثلا: جماعة من الناس أدوا ثمن عمرة مؤطرة مشتملة على خدمات. فالمسؤول عن الوفد قد أقامه الله في الأسباب من القيام بمصالح الناس وتيسير كل الخدمات ليعتمر الناس في أحسن الظروف الملائمة. فتقصير هذا المسؤول في أي خدمة متفق عليها يعد تفريطا في عبادة الوقت حتى ولو كان منشغلا عن ذلك بالطواف وتلاوة القرآن والصلاة النافلة. وأما باقي الوفد فقد أقامهم الله في التجريد، لقيام ذلك المسؤول بمصالحهم، فعبودية الوقت التفرغ للطواف بالبيت والذكر وقراءة القرآن والتنفل. وقس على ذلك.
فعلى كل منهما، المتجرد أو المتسبب، أن تتعلق همته بواجب وقته ولا يتخطاه قبل إكماله إلى غيره بشَّهْوَةِ خَفيَّةِ أو بانْحِطاطٌ عَنِ همة علية وعليه أن يجمع الهمة، كل الهمة، على حفظ الوقت ولا يضعفها بتقسيمها على الأوقات فإن التفرقة من أعظم البلاء على السالك. وراحة كل منها ألا يرى لنفسه غير الوقت الذي هو فيه ويحرص بالشح به على عدم ضياعه منه وبجعله أعز الأشياء عليه وأنفسها وأغلاها فإنه لا عوض منه ولا يعود إليه أبدا.
وقد قيل الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك فإذا كان السير إلى الله ضعيفا والهمة في العبادة ضعيفة والعلم بالطريق إليه سبحانه ضعيفا والقواطع كثيرة شديدة فإنه جهد البلاء ودرك الشقاء وشماتة الأعداء إلا أن يتداركنا الله برحمة من حيث لا نحتسب فيأخذ بيدنا ويخلصنا من أيدي القواطع والله ولي التوفيق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى