…ذهب الذين نحبهم… في وداع محمد رقيد
الميزان/؛الرباط: الدكتور محمد جودات
فقد عالم الثقافة النقي رجلا من الكبار؛ محمد رقيد الذي لم تخطفه الأضواء ولم يدرس إلا عشقا في التدريس ولم يكتب إلا حبا في الكتابة.
كان رقيد وهو بين طلبته في الثمانينات الوجه المشرق المتواضع الذي يفتح أشرعة كتاب سيبويه ويقرأ نظريته العاملية بروح العالم المحب. ولكن مع تخصصه كان أول من فتح لنا أبواب الحداثة الشعرية المغربية. ولم يكن حبه لعبد الله راجع الذي أورثنا همه مجرد قراءة عابرة.
“…سقطتْ دمعتانْ .
أنا ما بكيتُ، ولكن بكى في عيوني الحصانْ !
على رِسله الآنَ يسقط في التيه وجهي
كتابُ المراثي يُفتّح أبوابه…”
نص عبد الله راجع كان بالنسبة لمحمد رقيد فلسفة لا يفهم عمقها كثيرون. فهو شاعر الهامش الذي سحقه المركز وفضل أن يبقى صامدا يعبر عن أنين الحياة، لذلك اختاره محمد رقيد وتمثل نصه؛ وابتلانا بحبه إلى هذه اللحظة التي ندرس فيها طلبة الشعر هذا النموذج من صعاليك المغرب المعاصر؛ الذين لا تستطيع التقليدية فهمه.
كذلك كان هم محمد رقيد، لم يختر الاستفادة من كل ماتسابق إليه الجميع واقتناء الأحلام الصغيرة… وفضل مثل الكبار ألا يحارب الصغار.
محمد رقيد لم يكن مجرد أستاذ بارع في التدريس؛ كان نموذج الأستاذ الذي لا يمكن ألا يترك فيك أثرا في كل حياتك. مثله مثل مجايليه الكبار الذين فقدناهم.
فوداعا أستاذي وارقد هنيئا لك الأمانة التي أديتها والقيم التي زرعتها رغم أن القلب يبكي كما يقول راجع.
وستبقى كلماتك راسخة لأنك انتصرت على التفاهة بحب وإخلاص؛ وهاذي قلوب المحبين حولك من كل جيل علمته.